اغتيل عمر النايف .. أين الجبهة الشعبية ؟

05 مارس 2016
مسيرة في رام الله تطالب بالثأر لاغتيال النايف
" اغتيال السيادة"  هذا العنوان الرئيسي لإحدى الصحف  الفلسطينية الصادرة قبل أيام ، تعقيبًا على مقتل الأسير السابق عمر النايف في ظروف غامضة داخل سفارة فلسطين بالعاصمة البلغارية صوفيا ، التي لجأ إليها منذ منتصف ديسمبر 2015 بعد تقديم النيابة العسكرية الإسرائيلية طلبا لدى وزارة العدل البلغارية بتسليمه.

اغتيل عُمر ابن مدينة جنين عن عمر يناهز "52 عامًا" قضى منها  أربع سنوات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد تنفيذه عملية طعن بالبلدة القديمة في القدس المحتلة عام 1986 أضرب خلالها أربعين يومًا عن الطعام ثم تظاهر بإصابته بمرض نفسي، نُقل على إثره إلى  مستشفى الأمراض العقلية بمدينة بيت لحم ليتمكن بعدها من الهرب خارج السجن ، ثم يصل إلى العاصمة البلغارية صوفيا عام 1995 ليستقر فيها.


تشير الشواهد إلى أن عملية الاغتيال تحمل بصمات الموساد الإسرائيلي لاسيما أن الاحتلال طالب بتسليمه قبل شهرين لإعادته للسجن مما جعل ملفه يُفتح من جديد ، ساعد في ذلك العلاقات الجيدة بين الاحتلال وبلغاريا التي تسهل التعاون في العديد من الملفات كان  منها التعاون في التحقيق بحادثة تفجير حافلة في بورغاس، الذي  أسفر عن مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة في يوليو 2012 وتم توجيه التهم إلى حزب الله اللبناني ،  ثم إن اغتيال النايف وقع بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف برفقه وزير الخارجية دانييل ميتوف إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي تلبية لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو.

فكما هو معروف عن الاحتلال أنه لا ينسى من له "ثأر" عندهم ويلاحق الفدائيين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم داخل البلاد أو حتى خارجها وله في ذلك تجارب عديدة كان آخرها  كشف جهاز الشاباك الاسرائيلي عن اعتقاله الشقيقين ناصر وأكرم بدوي من حارة أبو سنينة في مدينة الخليل، والمتهمان بتنفيذ عمليات اطلاق نار على الجيش الاسرائيلي والمستوطنين بالقرب من الحرم الابراهيمي في أكثر من مناسبة خلال العامين الماضيين. 

هذا بالنسبة للدور الواضح للاحتلال الإسرائيلي والسلطات البلغارية في اغتيال عمر ، لكن ماذا عن دور السلطة الفلسطينية ممثلة بسفارتها في صوفيا في التقصير بحماية النايف ، فقد اتهم أهله وأصدقؤه السفارة الفلسطينية وسفيرها أحمد المذبوح بالتضييق  عليه ومحاولة إخراجه من السفارة والتقصير في حمايته حتى أنهم تركوه ينام وحيدًا في مبنى السفارة دون أي حراسة أمنية،  وأهملوا ذلك بعدم وضع كاميرات مراقبة داخل مبنى السفارة ، علمًا بأن السفارة عينت عناصر أمن جدد أمام مبناها بعد حاثة الاغتيال ! أما كان يجب وضعهم حينما كان هناك خطر حقيقي على حياة عمر ؟ ولكن كيف لسلطة لا تستطيع حماية مواطنيها على أرضها وتدير ظهرها عند اقتحام الاحتلال لمقراتها لاعتقال المناضلين الفلسطينيين وهنا نذكر اعتقال امين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات من سجن اريحا في 14 مارس 2006  في عملية أطلق الاحتلال عليها اسم "الثمار الأولى" وتمت دون وقوع مواجهة أو اطلاق رصاصة واحدة من عناصر السلطة على الاحتلال ، كيف لهكذا سلطة أن تحمي مطلوبًا - لمن ينسقون معهم أمنيًا- مهددة حياته في جنوب شرق أوروبا ؟ بل كانت السلطة بصمتها مساهم أساسي في السماح للاحتلال باغتيال سيادتها كما يصف ذلك أهل الشهيد وأصدقاؤه.

أين الجبهة الشعبية من النايف ؟

يبدو أن الجبهة الشعبية التي كان لها ذراع طويل في العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي خارج حدود فلسطين المحتلة لم تفعل كل ما بوسعها لحماية عمر أو خانها الحس الأمني هذه المرة فلم تتخوف من أن يكون مصيره كما كان مصير آخرين قبله كالتسليم للاحتلال كما حدث مع الشهيد زياد أبو عين الذي سلمته السلطات الأمريكية للاحتلال الإسرائيلي عام 1981 ، أو الخطف كما حدث مع الأسير ضرار أبو سيسي نائب مدير محطة توليد الطاقة بغزة الذي اختطفه الموساد من قطار كان يركبه في أوكرانيا في فبراير 2011 ، أو حتى الاغتيال كما حدث مع القيادي في حركة حماس محمود المبحوح الذي اغتاله الموساد في دبي في يناير 2010  ، لكن على ما يبدو أن  هذه الحالات وغيرها لم تجعل الجبهة الشعبية تفكر في طريقة جديدة لحماية رفيقها - ربما فعلت ولم تعلن لظروف معينة أو لم توفق في تخليصه من مصيره - فاكتفت بتحميل مسؤولية حياته للسلطة الفلسطينية بعدما تعرض للتضيق من السفير أحمد المذبوح.

ثم إن الدور الإعلامي الذي لعبته الشعبية في تفعيل قضية عمر منذ مطالبة الاحتلال بتسليمه كان ضعيفًا جدًا ولا يتناسب مع خطورة القضية التي انتهت بأسوأ أحوالها  فاكتفت ببعض البيانات التحذيرية التي لا تمنع شيءً أن يحدث وبعض الوقفات الخجولة هنا أو هناك.


اغتيل عمر واغتيلت معه السيادة بداخل أرض السفارة الفلسطينية بصوفيا ، وطرح هذا الملف العديد من الأسئلة على طاولة الفصائل الفلسطينية حول الطرق اللازمة للتعامل مع تهديدات كهذه لعناصرها واتخاذ التدابير الضرورية لحمايتهم بدلًا من أن تُحسن صياغة بيانات تحذير من المساس بهم قبل النهاية وإدانة مصيرهم بعد فوات الأوان ، فلا يجب أن يمر هذا الاغتيال –على الأقل- دون محاسبة المُقصرين وتوضيح ملابسات الاغتيال على أرض يفترض أن للسلطة سيادة عليها. 

تعليق واحد على اغتيل عمر النايف .. أين الجبهة الشعبية ؟

Unknown يقول... @ 7 مارس 2016 في 3:06 م

متفق معاك في موضوع إن تغطية الجبهة للموضوع قبل الاغتيال كانت ضعيفة. على الأقل من جهتي لم أسمع عن موضوع النايف إلا بعد اغتياله.

2- اعتقد إن قرار الفصائل الفلسطينية باقتصار عملياتها على حدود فلسطين المحتلة فقط، أدى لإضعافها كثيرا
سواء في حماية النايف قبل اغتياله او حتى في فرصة الرد
يعني تخيل مثلا لو كان النايف في زمن وديع حداد، أكيد بلغاريا كانت حتفكر مرتين قبل ما تتعاون مع الموساد

إرسال تعليق